الحياد نيوز – اعتبر أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران لاريجاني، أن حزب الله يمتلك “القدرة على قلب الموازين في لبنان”، وأن عدم تحركه القوي والواسع النطاق هو قرار نابع من رغبة في عدم الإخلال بوقف إطلاق النار مع إسرائيل. هذا التصريح يمثل امتدادًا للغة “القوة والردع” التي تستخدمها طهران لتعزيز نفوذها وصورة محور المقاومة المهزوزة إقليميًا.
هذه اللغة، التي تهدف إلى بث الثقة في نفوس الحلفاء وتوجيه رسالة ردع للخصوم، تضع حزب الله في خانة التبعية المطلقة لإيران والتي يمكن استخدامها في أي لحظة. بالنسبة للنظام الإيراني، فإن إبقاء هذه الورقة قيد التهديد أفضل من استخدامها الفعلي في معركة قد تكون عواقبها وخيمة على كامل المحور، خاصة في ظل التوترات الإقليمية المستمرة.
على النقيض من التصريحات الإيرانية المتفائلة، يرى خبراء في الشأن الإيراني ومستقبل حزب الله أن هذا الكلام “مضحك للغاية”، أو على أقل تقدير، بعيد عن الواقع، ويتساءل هؤلاء الخبراء عبر “صوت بيروت انترناشيونال”: إذا كان الحزب يمتلك هذه القدرة الفائقة على “قلب الموازين”، فلماذا لم تستخدم هذه القدرة منذ اللحظة الأولى لقرار فتح “جبهة الإسناد” التي بدأت محدودة جدًا؟
الحقيقة، وفقًا للخبراء، هي أن حزب الله وصل إلى مرحلة من الإنهاك الاستراتيجي، سواء كان ذلك نتيجة لضغوط مالية أو لتحديات عسكرية ولوجستية أو لسبب أكبر يتعلق بـ “صراع الإرادات” الإقليمي، وان استمرار الحزب في تكتيكات محدودة ومرصودة بدقة يشير إلى أن قدرته على التصعيد الشامل قد تكون مبالغًا فيها في الخطاب الإعلامي الإيراني، لأن أذرع إيران الإقليمية، بدلًا من أن تكون قوة ضاربة، أصبحت أذرع مبتورة لا تقوى على الحركة الكبيرة أو فتح جبهات جديدة واسعة النطاق قد تؤدي إلى تدميرها.
بعيداً عن التحليل العسكري، يشير الخبراء إلى أن تصريح لاريجاني يحمل رسائل سياسية عميقة تخص السيادة اللبنانية ويهدف بشكل أساسي إلى توجيه رسالة حازمة إلى الطبقة السياسية اللبنانية وكل من ينادي بـ “حصر السلاح” بيد الدولة.
الرسالة واضحة، “إن قرار الحرب والسلم بالنسبة لحزب الله هو قرار إيراني بحت، عندما يقول لاريجاني إن الحزب “لا يتحرك” الآن، فإنه يؤكد أن “التحرك” مستقبلاً سيكون مرهونًا بإشارة من طهران، وليس وفقًا للمصالح الوطنية اللبنانية أو قرار الدولة اللبنانية، كما انه هذا يرسخ صورة حزب الله كـ”فصيل إيراني” يتحرك وفقًا لأوامر مرشد الجمهورية، حتى لو كان هذا التحرك “متهورًا” أو أدى إلى نتائج كارثية للبنان بما في ذلك “الانتحار” التكتيكي للحزب.