رئيسي رجالات أستانا.. جوهرة كازاخستان ومدينة المستقبل user1017 أكتوبر، 2025049 views تبدو أستانا للوهلة الأولى كمدينة خرجت من رواية خيال علمي، لكنها في الحقيقة عاصمة شابة صاعدة بسرعة مذهلة في قلب آسيا الوسطى. هذه المدينة التي أعيدت تسميتها إلى “نور سلطان” لفترة قصيرة قبل أن تستعيد اسمها الأصلي مجددًا، تحولت خلال عقود قليلة من بلدة بسيطة في السهوب الكازاخية إلى واحدة من أكثر العواصم العصرية طموحًا في العالم. ناطحات سحاب بتصاميم مستقبلية، مبانٍ حكومية على شكل خيام زجاجية أو أقواس معدنية لامعة، ومساحات عامة واسعة تحفّها الإضاءة الليلية المبهرة؛ كل ذلك يجعل أستانا نموذجًا نادرًا لمدينة تُبنى على رؤية واضحة للمستقبل بدلاً من تراكم الماضي. معمار لا يشبه غيره تشتهر أستانا بتصميماتها الهندسية الجريئة التي استُخدم فيها مزيج من الزجاج والمعدن والخرسانة لتشكيل معالم لا يمكن أن تخطئها العين. من أبرز رموزها برج “بايتيريك”، الذي يتوسط الساحة الرئيسية للمدينة ويرتفع مثل شجرة أسطورية تحمل كرة ذهبية في أعلاها، يمكن للصاعدين إليها الاستمتاع بإطلالة بانورامية على المدينة بأكملها. وهناك أيضًا “خان شاطر”، وهو مركز ترفيهي عملاق على شكل خيمة شفافة تُعد من أكبر الخيام في العالم، وتضم بداخلها متاجر، ومطاعم، وحديقة ألعاب وحتى شاطئًا صناعياً. أما قصر السلام والمصالحة، المبني على هيئة هرم زجاجي بديع، فيعكس التزام البلاد بالتسامح والتعايش الديني والثقافي، إذ يستضيف مؤتمرات عالمية للحوار بين الأديان. مدينة خضراء وسط السهوب رغم مظهرها المعدني العصري، فإن أستانا لم تهمل الجانب البيئي، بل سعت إلى بناء مساحات خضراء واسعة تعيد التوازن وسط المناخ القاري البارد الذي تتسم به المنطقة. تمتد حدائق مثل “المتنزه المركزي” و“منتزه الرئيس” كواحات مريحة للسكان والزوار، حيث ممرات المشي والبحيرات الصغيرة والنوافير التي تزيّن ساحات مفتوحة للاسترخاء. وفي الشتاء، تتحول هذه الفضاءات إلى مسارات للتزلج أو ساحات للألعاب الثلجية، مما يجعل المدينة صالحة للزيارة على مدار السنة. كما تعمل السلطات على تعزيز استخدام الطاقة المتجددة في بعض المباني الحكومية، ضمن خطة للتحول إلى مدينة ذكية ومستدامة. ثقافة حديثة بروح تقليدية على الرغم من سرعتها في التحديث، لم تفقد أستانا ارتباطها بجذورها الكازاخية. يمكنك أن ترى ذلك في الأسواق الشعبية التي لا تزال تعرض الملابس المطرزة يدويًا، وأدوات الفروسية التقليدية، وفي المطاعم التي تقدم أطباقًا وطنية مثل “بيشبارماك” و”كوميص” بروح الضيافة البدوية الأصيلة. كما تحتضن المدينة فعاليات دولية مثل معرض “إكسبو 2017” الذي خصص موضوعه للطاقة المستقبلية، ومهرجانات للفنون والموسيقى تستقطب فنانين من مختلف أنحاء العالم. هذا الانسجام بين الحداثة والتراث هو ما يمنح العاصمة نكهة خاصة تختلف عن غيرها. أستانا ليست مجرد مدينة جميلة للزيارة، بل قصة ملهمة عن ما يمكن أن يحققه التخطيط الطموح حين يقترن بالإرادة والإبداع. إنها نموذج لبلد يتطلع إلى المستقبل بثقة، دون أن يتخلى عن أصالته. من يتجول في شوارعها يعرف فورًا أنه أمام مدينة لم تبلغ ذروتها بعد، بل ما تزال في طور الانطلاق نحو ما هو أكبر. وإذا كان للعواصم الناشئة أن تُضرب بها الأمثال، فإن أستانا بالتأكيد تستحق أن تكون في المقدمة.